الخميس، 12 فبراير 2015

ما بنفس كاتب

من أنا ؟ أنا الكاتب الذى لا عمل له سوى نقد ما لايروقه، والثناء على مايراه إيجابيا، مهاجمة هذا الشخص، ومدح ذاك، المطالبة بتحقيق المطلب الفلانى، ومهاجمة مطلب آخر بضراوة.
لاأعلم لمن أكتب؟ هل يقرأ لى أحدهم ويرانى مثالا حسنا لما يجب أن يكون عليه الكاتب؟ وهل يسُبَّني آخر لما لى من آراء مخالفة لقناعاته؟ أم تذهب كتاباتى سُدىً لايلق لها أحد بالا؟
يقول الكاتب التشيكي فرانس كافكا :"الكتابة انفتاح جرح ما". فالكتابة  ماهى إلا صفحات بيضاء أملؤها حروفا ممتزجة بشعورى، لأكتب عند اغتباطي وحزنى، فى صفاء ذهنى أو تكدُّره، أكتب لأخاطب من يصعب الحديث إليه فى الواقع الفعلى، فقد أصنع لنفسي حوارا مفتعلا مع شخص أمقته ولا أستطيع مواجهته بذلك لأى سبب كان، وقد أبدى إعجابي بآخر منعتى الظروف من التصريح له بما أكنّه.
أستطيع بضغطة على سن قلمي أن أبدل الأحوال، وأغير الاتجاهات، فأصرف البعض عن الثناء على شئ ما، إلى لعنه والإعجاب بشئ آخر.
قد ترانى مبحر ثقافيا لمجرد استخدامى بضع ألفاظ لغوية مضخمة تثير إعجابك، فى حين أن مخزونى الفكرى نابع من سماعى لتلك الجماليات اللغوية من بعض الأفواه، وقد لم أكن قرأت فى حياتى سوى بضع روايات لهؤلاء المتباهين بالكلمات.
قد أشكل الخطر الأكبر على ذهنك إذا سلّمت بما أقوله كحقيقة بديهية، ولهذا فعليك إعمال العقل قبل أن تملاؤه بترهاتى، حتى لاتصبح مثلى مثقف ظاهريا، خاوى الفكر داخليا.